الخميس، 18 سبتمبر 2014

علم الآثار عن بعد

علم الآثار عن بعد
بقلم فاروق الباز

حولت تقنيات  الاستشعار عن  بعد عمل علماء الآثار فأصبحوا في غنى عن  نبش الأرض  لفهم  الماضي .تزيد مساحة صحراء الربع الخالي عـــن 770000 كلم 2. وتذكر روايات أن هذه الصحراء كانت في الماضي أكثر  قبولا  للعيش فيها إذ كانتتحتضن مدينة "  أوبار"  وهي  واحة تقــع  علــــى  طريــق  البخـــــور  وورد  ذكرها  في القرآن  باسم إرم ذات العماد ".
 وقد بحث  توماس  لورنس المعروف  باسم  لورنس العرب  بنفسه عن  أطلنطيد الرمال هذه  ولكن  بدون جدوى .
فأين ينبغي البحث  عن " أوبار " ؟
 بينت المركبة الفضائية  وأقمار لاندسات الصناعية  خطوطا  تلتقي في نقطة  مرتفعة  فوق  كثبان الرمال . هل كانت  نقطة  الالتقاء هذه  مقبرة أم مدينة ؟ و لتبين الأمر أرسلت بعثات إلى عين المكان عامي 1990-1991  وأجريت تنقيبات على امتداد إحدى الطرق كشفت  بنية  مدينة  محصنة  مدفونة  منذ  قرون.
في صحراء نيومكسيكو، كشف الاستشعار بواسطة رادار السبر الأرضي عن وجود أطلال أخرى أقدم بكثير. بين انعكاس أمواج  الرادارات  المبثوثة  في الأرض  طبقات  ترابية و صخرية  مختلفة، و حتى بقايا  ديناصورات.
وهكذا تمكن الباليونتولوجيون (علماء الحياة القديمة) من استخراج  مستحثات  لديناصورات  كانت ، قبل ملايين السنين ، ترج  الأرض تحت أقدامها  أثناء  تنقلها .
تستخدم أدوات الاستشعار عن بعد أكثر فأكثر من طرف علماء الآثار في الفضاء أو على الأرض.
بواسطة رادارات أجهزة  قياس  مغناطيسية  أو سيسمومترات (جهاز قياسالاهتزازات) .
يحددهؤلاء، و بسهولة، المواقع التي يجب التنقيب فيها و يستكشفونها عن قرب دون تخريبها. و ستبدل المجرفة و الفأس تدريجيا بالرادار و الماغنيطومتر والسيسمومتر.
بالرغم من أن الطيارين يأخذون صورا جوية منذ بداية القرن العشرين إلا أن الاستشعار عن بعد لم يطبق على الأرض إلا منذ عام 1968 إذ أرسل ملاحو أبولو أولى الصور عن  كوكب الأرض  من  القمر...بعد فترة من ذلك أصبح رجال الفضاء في مداراتهم يشاهدون سور الصين العظيم متسلقا جبال الصين و الهرم الأكبر المشرف على هضبة الجيزة غرب النيل.
من الموارد الزراعية إلى علم الآثار:
أرسلت النازا في عام 1972 أول قمر صناعي "لاندسات" لمراقبة المناطق الزراعية ودراستها. تسمح كثافة الأشعة دون الحمراء المعكوسة  من  طرف النبات بتقدير المردود  من  المحاصيل (.....)  فكلما كان محصول القمح  وفيرا كلما  كان الانعكاس المطابق  قويا  . و بالتدريج أصبح  الجغرافيون و الجيولوجيون والأركيولوجيون  يستعملون  أقمار لاندسات  لتحديد  مواقع  أطلال  "المايا " في  الأدغال  الكثيفة  في شبه جزيرة  يوكاتان في المكسيك  وبنايات  قديمة  في  وادي  الرافدين.
ثم في سنة 1980  نصب توماس  سيفر من النازا و بايزون  شيتس  من جامعة كولورادو كاميرات تعمل  بالأشعة  دون  الحمراء على  طائرات، فالصور المأخوذة من ارتفاعات قليلة أدق من تلك التي تمنحها الأقمار الصناعية . وشاهدا في منطقة "تيلاران" في شمال غرب  كوستاريكا  في بعض الصور خطا غريبا متموجا في بعض الصور يخترق التلال  والأودية  في استقامة : أكدت تنقيبات ميدانية  أنها طرق أنشئت  قبل  فترة  تتراوح  بين 1000 و 2000  سنة،  لتربط  بين  المقابر والقرى  و المحاجر.
كذلك أمكن الكشف عن  طرق قديمة  بواسطة  القمر الصناعي كما  يؤكده  مثال " أوبار" و لكن التفاصيل  التي تقدمها  الصور الجوية  أدق : لقد عثر العالمان بسهولة و دقة على المكان الصحيح  للطرق التي كانا  يبحثان عنها . و قد اكتشفت نفس الفرقة  في  كانيون ( فج ) شاكو في ولاية  نيو مكسيكو  طرقات  أخرى  تعود  إلى  ما  قبل   التاريخ ، تؤكد  أن  حضارة  " شاكو"  كانت  تشكل  جزءا  من  شبكة  تجارية  واسعة.
في عام 1986 حسن مركز للدراسات  الفضائية  أدوات الاستشعار عن  بعد  بفضل القمر الصناعي  سبوت....
ليست صور سبوت  بالدقة التي تتميز بها الصور الجوية ولكنها تغطي مساحات  أوسع  من  تلك  التي تغطيها الصور الجوية الشيء  الذي يسمح بدراسة منطقة بكاملها.و قد استعمل جيمسوايزمان وزملاؤه من جامعة  بوسطن  صور سبوت لشمال غرب اليونان لإعادة رسم الخط القديم  لساحل  خليج" أموضيا" الذي  كان  يحتضن  ميناء هاما وأنجزوا  خرائط  للقنوات القديمة  والأذرع  البحرية.
إن صورة  الرادار الفضائية  أداة  أخرى  مفيدة  للأركيولوجيا استعملت أول مرة  أثناء  الطيران  التدشيني  للمركبة  الفضائية في نوفمبر 1981 و منحت  العديد  من الصور لشرق الصحراء  الكبرى . في 1984 ثم في أفريل و أكتوبر 1994 سجلت رادارات محمولة على متن المركبة الفضائية صورا لشبه الجزيرة العربية.
ترسل أحدث هذه الرادارات عدة موجات مستقطبة ( مجالها الكهربائي موجه بدقة) في اتجاهين ويكشف بذلك تفاصيل إضافية في المناطق المصورة.
جذور مصر القديمة
استخدمت على الخصوص الصور الرادارية للصحراء الغربية  المصرية بالقرب من الحدود مع لسودان.الأرض مغطاة بطبقة سميكة  ومستوية  من الرمال ، و لا تتخللها إلا بعض التلال . اكتشفنا في الصور الرادارية سررا جافة  لثلاثة  أنهار كبرى عرض الواحد منها  عشرون كيلومترا . أما التلال  فكانت جزرا صنعها الحت النهري . و قد أكدت الفؤوس  التي اكتشفها  علماء الآثار على ضفاف طرق الملاحة هذه أن البشر استوطنوا تلك المنطقة قبل 200.000  سنة . كيف  كان يتسنى  لنا معرفة  ماضي هذه  المنطقة المدفونة  تحت خمسة أمتار من الرمال بدون الرادار؟
إن هذا الاكتشاف  يؤكد الفرضية القائلة  بأن الصحراء الغربية المصرية  التي تعد اليوم  من  أكثر مناطق العالم جفافا ، كانت قبل  ما يتراوح  بين 5000 سنة و 11000 سنة ذات مناخ رطب . حسب " فردونيدهورف Fred Wendhorf   "من الجامعة الميتودية الجنوبية Université méthodiste méridionale  ، فإن كمية  الأمطار في هذه المنطقة  ارتفعت  بما يتراوح  بين 1 ملم و 20  ملم  في السنة  قبل 11000 سنة . عندئذ ظهرت أعشاب  وشجيرات شوكية  شبيهة بذلك الموجودة اليوم  في المناطق الصحراوية  الجدباء  مثل وادي  الموت في كاليفورنيا . مع أن  المناخ  تميز بعدة  فترات من الجفاف  وترعرعت  ثقافة  قائمة على  تربية  المواشي  و الرعي.
تتزامن نهاية الفترة الرطبة في الصحراء قبل 5000 عام مع  ظهور الحضارة المصرية القديمة . قد يكون هذان الحدثان مترابطين في شرق الصحراء الذي أصبح أكثر جفافا. فع هذا الجفاف الناس الذين كانوا يعشون هناك إلى الاقتراب من المصدر الوحيد الثابت والمستقر للمياه و هو نهر النيل و امتزجوا بالسكان المستقرين ، قبلهم ،  على صفتي النهر. و يبدو أن امتزاج الثقافات قد أثمر. عاش سكان الضفتين في انسجام  مع  النهر، بقياس قوة فيضاناته السنوية و إنشاء قنوات لسقي حقولهم و كان تفكيرهم منصرفا إلى الأرض فطوروا معارفهم . أما رحل الغرب فكانت لهم حكمة الصحراء وكيفوا معيشتهم  مع الأمطار الشحيحة  والبحث عن البراري المعشوشبة. و للإفلات من حرارة الشمس الشديدة  كانوا يتنقلون ليلا واهتموا  بالفلك . لقد كانت أنظار هؤلاء البدو متجهة نحو السماء بحثا عن مكان الإنسان في الكون و نعثر على هذه النزعة الفلسفية عبر كل تاريخ  مصر.
لقد أدى وصول البدو إلى ضفاف النيل و مضاعفته لعدد السكان إلى فرض تنظيم اجتماعي  أفضل  بغرض  إنتاج  الكفاية  من الغذاء  والطعام   قد أنشأ التفاعل الثقافي بين الفئتين مجتمعا جديدا كان أساس الحضارة  المصرية  القديمة.
الاستشعار عن بعد من سطح الأرض :
توجد أدوات أخرى للاستشعار عن بعد ما تزال قليلة الاستعمال تسهل العمل الميداني لعلماء الآثار.على العموم عندما يدرس هؤلاء موقعا ما  يؤطرونهبحبال و يقومون بالسبر في نقاط التقاء المربعات ويكون احتمال مجانبةالاكتشافات كبيرا في هذه الحالة.و على العكس من ذلك، يبن الاستشعار السطحي عن بعد مسبقا أهم المواقع و بذلك يقلص المساحات التي يجب  الحفر فيها و يوفر بذلك وقتا كبيرا و ثمينا.
استخدمت " آنا روزفلت Anna Roosevelt" من متحف شيكاغو تلك الأدوات لدراسة ثقافات ما قبل التاريخ في الجزء البرازيلي من الأمازون.و قد قلبت تلك الأعمال الكثير من النظريات.ففي جزيرة " ماراجو Marajo " عند مصب نهر الأمازون استخدمت أدوات  متنوعة لدراسة التلال التي أنشأها السكان الذين كانوا  يعيشون من الصيد والزراعة و الجمع (الالتقاط) . و قد مكن مسح  أنجز بواسطة  مغنيطومتر بروتوني  لعدة  تجمعات  تغطي مساحة عرضها ثلاثة هكتارات ويتراوح  ارتفاعها  بين 7 و 10 أمتار باكتشاف تجمعات كبرى مبنية  بالطين  لعدة  منازل.
كشف رادار سبر أرضي طبقات ترابية مقلبة أو منبوشة في حين بينت قياس درجة النقل الكهربائي للتربة البنية السفلية للميدان بطبقات مختلفة وتعديلات مرتبطة بوجود بناءات،مساكن وطمر بالنفايات.وكشف سيسمو متر عدة مراحل في البناء و كذا  الوضعية الأصلية للتربة التي بنيت عليها التلال .
 تعطي هذه النتائج إضافة إلى الحفريات التي تلتها صورة عن الحياة على ضفاف الأمازون بين سنة 500 م  وتاريخ وصول الأوروبيين في منتصف القرن 12 !!!
كانت شعوب "ماراجو" تعيش في أقاليم منفصلة و كانت في حروب بعضها ضد البعض الآخر.كانت تعيش من التقاط الثمار وجني محاصيلها كانت  مساكنهم  فوق قمم الروابي مرتفعة عن المستنقعات . كانوا ، طيلة  قرون ، يبنون مساكنهم فوق أطلال المساكن السابقة ، كانت هذه  الثقافة المتقنة  ذات  أصل محلي  خلافا  للفرضية  القائلة  أن  كثافة  الغابة  حالت  دون تطور  المجتمعات  الهندية  و تقدمها .
بالقرب من "سانتاريم Santarém " في شمال شرق البرازيل ، اكتشفت "آنا روزفلت" أمرا  مهما  يتعلق  بتاريخ  تعمير  أمريكا، لأنه يبرهن على أنه ،على عكس  ما كان  يعتقده علماء الآثار، لم  يؤت  بالأواني الفخارية  إلى الأمازون من قبل هنود  المكسيك  و البيرو. لقد كشف رادار ذو ولوج  أرضي  ودراسات  اهتزازية ، بالفعل ، وجود أواني أمازونية  أقدم  بآلاف  السنين من  تلك التي عثر عليها في غرب القارة  مؤكدة بذلك  هذا الاكتشاف.
إن الخطر الوحيد الذي يهدد  المواقع الأثرية بعد التنقيب فيها هو الإتلاف الذي قد تتعرض له من  قبل  التعرية  أو  من طرف  الزوار أو من طرف  اللصوص.
إن معالم شهيرة و قيمة مثل معابد أنكور في كمبوتشيا  وماشوبيشو في البيرو تتعرض للتدهور وأفضل وسيلة  للحفاظ على موقع  أثري هو دراسته  مع عدم  إلحاق الضرر به  قدر الإمكان.
زورقا الفرعون  خوفو :
تعود أولى محاولاتي لاستعمال الاستشعار عن بعد إلى عام 1987 أثناء الأشغال التي مست الهرم الأكبر في الجيزة الذي بناه الفرعون خوفو قبل 4600سنة.يضم هذا الهرم غرفتين مغلقتين بإحكام عند قاعدته. الأولى فتحت عام 1954 وكانت تحتوي على زورق مفكك طوله 43.4 متر و عرضه 5.9 . تطلب إخراج هذا الزورق  الملكي و إعادة  تركيبه 18 عاما  ووضع  في آخر المطاف في " متحف ملاحي"  بني لذلك  الغرض  في عين المكان . هذا المركب معروض للجمهور منذ 1982 و يحظى  بالزيارة  من  قبل أعداد  كبيرة  من الناس . و مع  ذلك  فهو  مهدد إذ  يكون طوله  قد تقلص ، منذ أن وضع في المتحف ، ب 50 سنتمترا لأن الجو في المتحف  يختلف عن الجو في داخل الهرم ، ولذلك  دعيت  لدراسة الظروف المناخية  داخل  الغرفة  الثانية المغلقة  بإحكام  وكان الظن غالبا أنها  تحتوي على زورق ثان ، وتقديم  اقتراحات  للحفاظ  على  الزورق الأول.
لأخذ عينة من هواء الغرفة الثانية التي كنت اعتقد أنها محكمة الإغلاق مثل الغرفة السابقة استعنت ب"بوب مورز   Bob Moores" و هو مهندس في شركة "Black et Decker "ساهم في ابتكار آلة ثاقبة قمرية(Lunaire)  يستخدمها رجال الفضاء. صنع هذا المهندس عازلا ( (sas يسمح بثقب الصخر دون السماح للهواء الموجود بداخل الغرفة بالاختلاط بالهواء الخارجي و استخدمنا رادار سبر أرضي لمعرفة  شكل الغرفة و اختيار موضع  ملائم لإحداث  الثقب.
بعد يومين و نصف من الحفر ثقبنا الصخرة  بسمك 159 سم  وأدخلنا عندئذ مسبارا  و أخذنا هواء من ثلاث  ارتفاعات مختلفة ، ثم أنزلنا  كاميرا في الثقب  و اكتشفنا خطوطا هيروغليفية على الجدران كما اكتشفنا الزورق الثاني كما كان منتظرا .
 أكد وجود عفن الرطوبة على الجدران و مشاهدة صرصور صحراوي حيا داخل الغرفة  أن هذه الغرفة كانت متصلة بالخارج . غير أننا لم نشأ إعطاب الزورق  الموجود  بالداخل  فسددنا  الثقب  و تركنا الماضي الملكي على الحال التي  وجدناه عليها.
ويذهب علم الآثار غير المخرب هذا (بكسر الراء) تذهب إلى أبعد من هذا فقد كشف علماء آثار إنجليز مدينة رومانية تحت قرية "وروكستر  Wroxeter " دون إلحاق أي  ضرر بالقرية  ولا بالحقول  المحيطة  بها و تعرفوا على الطرق  والمخازن  وما  يعتقد  بأنه  كنيسة . و يعطي تمثيل الكتروني  قائم  على القياسات  التي أجريت  صورة عن  هذه  المدينة  الكثيرة  السكان  والمندثرة  في الوقت  الراهن .
في بحثنا عن الماضي المدفون  تحت الأرض  سنعرف عن الأشياء ، في المستقبل القريب ، أكثر مما لو لامسناها  باستخراجها  من الأرض .
المصدر 
L'archéologie à distance, FAROUK EL BAZ. POUR LA  SCIENCE - N ° 240 OCTOBRE 1997
ترجمة :كاتب مدونة تاج

منظر ليلي

البويرة ، جويلية (رمضان) 2014

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

منظومة الإعلام الجغرافي


منظومة إلإعلام الجغرافي هي منظومة لرسم الخرائط الجغرافية تحوصل، تحلل وتمثل العديد من المعطيات الجغرافية في شكل يسهل فهمه.
هذا المثال يبين (بنقاط سوداء) موقع الصناعات النافثة للغازات السامة قرب لوس أنجلس.ركبت هذه الصورة على خرائط للسكان ( تدرج الألوان حسب توزيع و أهمية المجموعات السكانية)، الشيء الذي يسمح بدراسة العلاقات بين التلوث، توزيع السكان و السكن.


المصدر:
"géographie." Microsoft® Encarta® 2009 [DVD]. Microsoft Corporation, 2008.
ترجمة :كاتب مدونة تاج

ثانوية حيزر بدون مدير

منظر من مدينة حيزر . تصوير: مدونة تاج . سبتمبر 2014

يتميز الدخول المدرسي  للعام الدراسي 2014 -2015  ، في ثانوية حيزر (10 كيلومترات شرق مدينة  اليويرة عاصمة الولاية) بعدم وجود مدير على رأس المؤسسة .

من النتائج الأولية لهذه الوضعية عدم  انعقاد اجتماعات بين الأساتذة و الإدارة كانت مقررة  بداية هذا الموسم الدراسي.

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

تاريخ الجغرافيا


ساهم الكثير من الرحالة و الطوبوغرافيين و المستكشفين العلميين في تطور الجغرافيا . و مع ذلك لم يكن ممكنا جمع و تسجيل المعلومات الجغرافية الدقيقة إلا في نهاية القرن 18 . لقد كان لزاما انتظار منتصف القرن 19 لإطلاق واحرير المفاهيم  الجغرافية  و تصويرها.

4 -1 أوائل الجغرافيين :
اهتم أوائل الجغرافيين باستكشاف المناطق المجهولة و وصفوا الوقائع التي شاهدوها أو لاحظوها في مختلف المناطق التي زاروها و جابوها.
منذ القديم، طورت كل ثقافة جغرافياها للتحكم في إقليمها territoire الأصلي و للتعرف أفضل على ما يقع في أطرافه. لقد قام الصينيون و المصريون و الفينيقيون بأسفار بعيدة ; hو أودعوا انطباعاتهم على البلدان التي عيروها .من أوائل الخرائط التي تعرفها أنجزت حتى لوح من الطين (المشوي؟) في بابل في 2300 سنة قبل الميلاد . حوالي العام 1400 سنة قبل الميلاد  كانت سواحل البحر المتوسط معروفة و سجلت  معطياتها  الطبوغرافية ،وخلال الألفية الموالية ،ذهب المستكشفون الأوائل إلى انجلترا و جابوا بسفنهم سواحل الغربية لشمال إفريقيا .و مع ذلك ،فان الإغريق هم الذين أعطوا للعالم الغربي أول معارفه الهامة حول كوكبنا و شكله و حجمه و خصائصه العامة.لقد وصف هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد في كتابه تواريخ أو حكايات بالتدقيق الأصقاع التي زارها خاصة نواحي البحر الأسود، مصر و صقلية.
في القرن الرابع قبل الميلاد كان الفيلسوف و العالم الإغريقي أرسطو أول من برهن على أن الأرض مستديرة الشكل.و قد اعتمد على الحجج التالية : كل مادة تميل إلى السقوط في مركز مشترك،و ترسل الأرض ظلا مستدير الشكل على القمر أثناء الكسوف ، وعند السفر من الجنوب إلى الشمال ،تصبح الكثير من المجموعات النجومية مرئية و تغيب تلك التي نعرفها.و كان  الجغرافي الإغريقي إراتوستين ،في القرن الثالث قبل الميلاد، أول من حسب بدقة محيط الأرض.
كدس الإغريق ، بفضل أسفارهم و فتوحاتهم و أعمالهم الاستيطانية ،كما ضخما من المعلومات الجغرافية و نشطوا و أنعشوا كتابة المؤلفات الجغرافية .و هكذا فقد كتب الجغرافي و المؤرخ  الإغريقي "سترابون" (عام 63 ق.م-21 بعد الميلاد) موسوعة من17 مجلدا سميت "جغرافيا" ،و هي مصدر معلومات ذات قيمة كبيرة للقادة العسكريين وللمسيرين الإداريون العموميون في عهد الإمبراطورية الرومانية.
في القرن الثاني بعد الميلاد، جمع الفلكي الإغريقي بطليموس الجزء الأكبر من المعرفة الجغرافية للإغريق و الرومان المعاصرين له.و اقترح كذلك طرقا جديدة لرسم الخرائط تتضمن تقنيات إسقاط و إنشاء أطلس . في كتاب" الدليل الجغرافي "،قسم بطليموس الدائرة الاستوائية إلى 360 درجة و بنى شبكة  من خطوط وهمية  شمال- جنوب و شرق - غرب على سطح الأرض . و أصبح بذلك متمتعا بشبكة إسناد أو مرجعية تسمح له بتحديد المواقع النسبية للأراضي المعروفة مثل الجزر و القارات.حتى لو كانت حسابات محيط الكرة الأرضية التي أنجزها  "اراستوسين" أدق من تلك التي أنجزها بطليموس فان هذا الأخير هو صاحب الوصف و الخرائط المفيدة جدا عن العالم المعروف في ذلك العهد.كانت تلك الخرائط تبين بوضوح ، على الخصوص ، أنه كان مدركا لمشاكل تمثيل الشكل الدائري لكوكب الأرض على سطح مستو.

4 -2 - الانبعاث و التجديد بداية من القرن 12 :

تمثيل  للمحيط الهادي  و جزيرة غينيا الجديدة ،
من إنجاز رسام  الخرائط  أبراهام  أرتيليوس عام 1589 م .
بعد انحطاط و انهيار الإمبراطورية الرومانية، لم يقم الأوروبيون باستكشافات أو أسفار هامة، ولم تتقدم الجغرافية عمليا. من بين الأوروبيين ،الفايكينغ هم وحدهم الذين يمكن وصفهم بالمستكشفين.فهم الذين بلغوا لأول مرة جزيرة غرينلندا و أمريكا الشمالية . و مع ذلك فإن عرب الشرق الأوسط  (ترجموا) وحققوا (صححوا) أعمال الجغرافيين الإغريق و الرومان السابقة ، واستكشفوا كذلك مناطق جنوب غرب آسيا وإفريقيا . منذ القرن الثامن ، قام العلماء العرب بترجمة مؤلفات الجغرافيين الإغريــــق. و لم تنتشر المعارف الجغرافية الإغريقية في أوروبا إلا بعد ترجمة هذه النصوص العربية إلى اللاتينية .
من بين الوجوه الجغرافية  العربية يتميز الإدريسي ، المعروف بخرائطه المفصلة ، ابن بطوطة و ابن خلدون اللذان كتبا روايات عن أسفارهما البعيدة . و قد طور المغول و الصينيون كذلك معارف كبيرة عن جغرافيا آسيا .

في القرن الثالث عشر  ، فتحت رحلات  جان دي بلون كاربان، غليوم دي روبروك  و خاصة أسفار ماركو بولو ،الحروب الصليبية في القرنين 12 و13  والاستكشافات البحرية للبرتغاليين و الإسبان في القرن 15 و القرن 16 ، فتحت آفاقا للأوروبيين و حثت على كتابة مؤلفات جغرافية.

في القرن 15 ، مول الأمير البرتغالي هنري الملاح  عدة عمليات استكشاف للساحل الإفريقي و لعب دورا أساسيا في تطور الدراسات الجغرافية.
منح وصول الإسبان و البرتغاليين إلى أمريكا  ابتداء من عام  1492 و أول دورة حول  العالم  قامت بها  بعثة  ماجلان ، في 1522 منح للأوروبيين  فكرة  دقيقة عن كوكب الأرض و عن الأجزاء  النسبية  للمحيطات  و القارات . و ظهر  بالتدريج تقسيم العالم  إلى مناطق  مناخية كبيرة  حقيقة على جانبي  خط الاستواء . لقد أكدت الرحلات البحرية و الدراسات التي أجريت أثناء تلك الفترة ،بدون جدال، أن الأرض كروية الشكل.
من بين الكتابات عن الرحلات و الاكتشافات الأكثر بروزا و جدارة  بالملاحظة   المطبوعة  في القرن 16 نجد كتابات جيانباتيستا راموزيو في البندقية و كتابات  ريتشارد هاكليوت في إنجلترا و كتابات  تيودور دو بري في ما يعرف اليوم  ببلجيكا  .
و دمجت التمثيلات  الخرائطية  المعلومات  الناتجة  عن  الاكتشافات : خرائط مركاتور (1512-1594) و أطلس أبراهام أورتيلوس (1570).

من القرن 17 الى القرن 19
الكسندر فون همبولدت . موسوعة Encarta

لعب الكتاب المعنون ب "جيوغرافيا جنراليس Geographia generalis" (الجغرافيا العامة) الصادر عام 1650  للجغرافي الألماني "برنهاردوس فاريريوس" دورا كبيرا في تاريخ مناهج  الجغرافيا . قسم "فاريريوس" الجغرافيا إلى ثلاثة ميادين مختلفة أو متباينة : الأولى تعالج شكل و أبعاد الأرض و الثانية تعالج المد و الجزر ،المناخ ، الفصول و التغيرات الأخرى المرتبطة بالوضعية النسبية للأرض في الكون، و الثالث  يعالج الدراسات المقارنة لمناطق محددة من العالم.وقد شكلت أعماله مرجعا لمدة تزيد عن القرن.
خلال القرنين المواليين ، قدم الكثير من الأوروبيين إسهاماتهم في المعرفة الجغرافية .
في القرن ال 18، سمح التقدم الحاصل في الهندسة ، علم الفلك والجيوديزياء بتحسين كبير للتدقيق في تحديد الأماكن و منه ،علم خرائط  مطابق  أكثر فأكثر لحقائق الميدان.

في بداية القرن 18 لعب الفيلسوف الألماني إيمانويل  كانط  دورا حاسما  بوضع  الجغرافيا  في  إطار العلوم .
ويميز كانط  صنفين  في العلم المستنبط  من الملاحظة : الصنف الأول يشمل الظواهر الموصوفة  حسب  مبادئ  المنطق  و يؤدي إلى تصنيف النباتات و الحيوانات  بكيفية  مجردة عن افكار الزمان أو المكان . إن هذا  التصنيف يتكلم  بمفاهيم  النظام (ordre) ، النوع، و الصنف (ordre, de genre et d’espèce).
أما النوع الثاني فيعالج الظواهر المصممة بعبارات الزمان، و يأخذ  التصنيف والوصف حسب الزمان  شكل التاريخ  و يأخذ التصنيف  حسب المكان شكل الجغرافيا .
و يقسم كانط الجغرافيا إلى ستة فروع ، إحداها  هي الجغرافيا الطبيعية  و هي  المهيمنة   بالمقارنة  مع الفروع الأخرى . حسب التصور الكانطي الفروع الأخرى من الجغرافيا  تمثلها الجغرافيا  اللاهوتية ، الاقتصادية ، السياسية ،الأخلاقية  و الرياضية.

ساهم الألمانيان ألكسندر فون همبولت و كارل ريتر كلاهما  بطريقة فعالة في التصميم العلمي للجغرافيا في بداية القرن 19 . ونظرا لكونه مسافرا كبيرا وملاحظا لامعا في الميدان ، طبق همبولت معرفته  للمسار الطبيعي و للعلوم  الطبيعي على التصنيف المنهجي و على الوصف المقارن للمناظر المشاهدة  في الميدان . و قد وضع كذلك  مناهج أو  طرقا  لقياس الظواهر التي يلاحظها .
هو كاتب عدد  من الدراسات  الجغرافية  الممتازة  المستخلصة  من  رحلاته إلى أمريكا .كتابه المعنون "كوسموس" أي الكون (1844) ، و الذي يصف الجغرافيا الطبيعية للأرض ، يعد واحدا من روائع الأدب الجغرافي لكل العهود و الأزمنة.
تختلف مواقف " ريتر "   جزئيا عن مواقف همبولت . فعندما يقوم  بمعالجة  منفصلة  لكل  خاصية  طبيعية  و هو  مناصر لمقاربة  شاملة  أو عامة ، نجد أن ريتر يدعو إلى مقاربة جهوية للجغرافيا . إنه بلح على ضرورة دراسة مناطق محددة  بمقارنتها  و باستخلاص ما  يميز كل واحدة منها .كتابه المتكون من 19 مجلدا " الجغرافيا في علاقاتها مع الطبيعة و تاريخ الإنسانية "، 1822-1859 ) تحليل جغرافي ممتاز لآسيا ولبعض الأجزاء من إفريقيا.ريتر ملاحظ ميدان مطلع يملك معارف طيبة في ميدان العلوم الطبيعية و في التاريخ . استخدم مصطلح الجغرافيا المقارنة لوصف عمله الخاص أو علمه هو بالذات ، معتبرا أنها في نفس المرثية  مع التشريح المقارن ، و يكدس الملاحظات لاستنباط قوانين ومبادئ . رأى  ريتر، كذلك ، أن الدراسات العامة ضرورية و لا غنى عنها للدراسات الجهوية.

بين سنتي 1830 و 1905 م أنجر إليزي ريكلوس الذي تابع   دروس ريتر عملا  معلميا ، خارج  المؤسسات  الأكاديمية . كتابه المعنون الجغرافيا العالمية Géographie universelle " " المنشور  من عام 1875 إلى عام 1894 هو حصيلة مرموقة لجغرافيا إقليمية و كتابه " الإنسان والأرض"  تفكير   مبتكر  و شديد المعاصرة عن العلاقات بين المجتمعات ووسطها .
و ساهم جغرافي ألماني آخر هو فريدريك راتزل، بطريقة هامة ، في المعرفة الجغرافية . كان عالم  طبيعيات ، رحالة و صحافيا و لكنه معروف على الخصوص بكتابه Anthropogéographie الجغرافيا الأنتروبولوجية (1882- 1891 ) حيث حاول البرهنة  على أن توزيع  الشعوب على سطح الأرض  تتحكم  فيه  البيئة الطبيعية . وصف راتزل  الجغرافيا  بأنها  علم التوزيع ، و فضل دراسة  مناطق  صغيرة  يمكن ، حسب رأيه ، أن تفيد  كقاعدة  لتعميمات على مجالات  أكبر أو حتى على العالم  بكامله.
أدمج الجغرافيون الألمان فرديناند فون ريشتوفن و الفريد هتنر أفكار همبولت ، ريتر و راتزل في منظومة متماسكة و متناسقة . و يشكل كتاب هتنر Die Geographie : Ihre Geschichte, ihr Wesen, und ihre Methoden (« la Géographie : son histoire, sa nature et ses méthodes », 1927) ( الجغرافيا : تاريخها ، طبيعتها ، و مناهجها " ،1927 ) عملا ممتازا عن تاريخ المناهج الجغرافية.
يحتل بول فيدال دو لابلاش مكان ظلائعيا بين الجغرافيين الفرنسيين في نهاية القرن 19.عارض الفكرة التي مؤداها أن الوسط الطبيعي يتحكم كلية في النشاطات البشرية . و برهن بان المجموعات البشرية المختلفة يمكنها استغلال نفس الوسط بطرق مختلفة.وبدا مؤيدا للدراسات المونوغرافية المتعلقة بالأقاليم. و أكد على حد سواء على المسارات الطبيعية و الثقافية التي تتدخل في توزيع خصائص الأرض.
شهد القرن 19 بروز العديد  من الجمعيات الجغرافية . و قام الكثير منها برعاية  عمليات استكشافية  و كانت الدافع إلى  دراسات و نشرت مجلات جغرافية .
أسست أولى الجمعيات الجغرافية في باريس ، برلين و لندن خلال سنوات 1820 و 1830 و هي ما تزال ناشطة إلى اليوم . كما نظمت مؤتمرات جغرافية  دولية  بالتوازي  مع  المعارض  العلمية.
الجغرافيا المعاصرة :
خلال النصف الأول من القرن 19 ، اتبع الكثير من مؤلفي الكتب الجغرافية – فرنسيون منهم على الخصوص: إيمانويل دو مارتون ، ألبير دومانجون وأندري سيجفريد  Emmanuel de Martonne, Albert Demangeon et André Siegfried ، و بريطانيون ، أمريكيون و وألمان – اتبعوا تقاليد الرواد  في ميدان الجغرافيا . انجزوا دراسات تتعلق بمناطق و أقاليم محدودة  تقع  في  كل مكان من العالم  بالاعتماد على الملاحظات الميدانية . و توسعت  حدود المعرفة الجغرافية  و كذلك الشأن بالنسبة  لكثافة المعلومات وقيمتها . غير أن المناهج المستعملة لم تتغير عمليا منذ نهاية القرن 19 . و هكذا ولى، بعد نهاية الحرب العالمية  الثانية ، حسب تواريخ  متباينة  تبعا للبلدان ، زمن الجغرافيا الكلاسيكية.

في خمسينيات القرن العشرين بدأ منعرج حاسم  ثم اتضح  بعدها  . بفضل الأعمال التي أشرفوا عليها ، يعد مؤلفون أمثال  جون غوتمان ، جون دريش ، بيار جورج  و جون تريكار Jean Gottman, Jean Dresch, Pierre George, Jean Tricart ، كل في ميدانه جغرافيين  مجددين. انتقد بعض هؤلاء الجغرافيين و آخرون من بعدهم ،  الأهداف و المناهج السالفة : إن لديهم متطلبات علمية و يريدون  أن ينسبوا الجغرافيا إلى العلوم التجريبية  بالبحث عن قوانين كما يلي : نظرية - فرضية و نموذج أو موديل- قياس و اختبار إحصائي . لقد أدى انقلاب المنهج و الأفق (الهدف) إلى  حد دفع  ، في  بعض الأحيان ، إلى استعمال عبارة "الجغرافيا الجديدة " و "الثورة الكمية ".
في الواقع يقيس الجغرافيون أولا نماذج  تحديد الموقع  متفاوتة  في القدم : نموذج فون تونن (1827) و أ.وبر(1909) ، والتر كريستالر(1933) بتطبيقها على حقائق  معاصرة . لهذه النماذج قيمة تفسيرية أو شرحيه مؤكدة ، جرى التحقيق فيها في سياقات مختلفة في الستينات والسبعينات . وسمحت أو أدت إلى أبحاث أخرى و اقتراحات نظرية . إن جغرافيا روجي بروني التي تصور أنماط  الإنتاج و تنظيم المجال ناتجة عن هذا التيار.
بالتوازي مع ذلك أو كرد فعل  على  هذه الجغرافيا المهتمة بإقامة  قوانين أو تفسير  تناسق  في تنظيم المجال ، تأكدت تحاليل جغرافية أخرى . 


بينت الجغرافيا  البشرية و الثقافية  (التي يعد بول كلافال واحدا من روادها ) دور ومكان القيم الإنسانية  في تمييز  المجال و استخداماته.
أما  الجغرافيا الراديكالية  و الجغرافيا  السياسية ( التي رفع إيف لاكوست صيتها ) بتحليل التقسيمات الترابية و المشاكل الحدودية و النزاعات المرتبطة بوجود  مجموعات اجتماعية  و ثقافية  مختلفة أو متمايزة  ، مسيطرة سياسيا أو مسيطر عليها.
و تحاول الجغرافيا التاريخية إقامة الصلة بين معطيات التاريخ و معطيات الجغرافيا  و ذلك بدراسة ،على سبيل المثال ، تاريخ المشهد الطبيعي أو تاريخ الكروم و النبيذ . و يعطي بعض المؤرخين مثل فرناند برودال Fernand Braudel  في أعمالهم  حيزا واسعا للتفكير الجغرافي .
المصدر:
"géographie." Microsoft® Encarta® 2009 [DVD]. Microsoft Corporation, 2008.
ترجمة:كاتب مدونة تاج


أزهار

سبتمبر 2014

الأحد، 14 سبتمبر 2014

حماية الطبيعة


1- تقديم :
حماية الطبيعة و الاستخدام المستديم للموارد الطبيعية مثل التربة، الماء، النباتات و الحيوانات و المعادن.
 تشكل الموارد الطبيعية لمنطقة ما رأسمال هاما  يؤدي سوء استخدامه إلى خسائر اقتصادية و إيكولوجية على الخصوص.
تصنف الموارد الطبيعية في مجموعتين اثنتين : الموارد المتجددة و الموارد غير المتجددة .
تضم الموارد المتجددة مجموع الحيوانات و كل النبات.يمكن أن تعد التربة ، هي الأخرى ، موردا متجددا ، بالرغم من انه من الصعب معالجة الأضرار الهامة التي تلحق بها بفعل بطء صيرورة تشكل التربة .على سبيل المثال ،الري الطبيعي من الأحواض الهيدروليكية لمنطقة ما يمكن الاحتفاظ به بطريقة غير محدودة بواسطة تسيير جيد للنبات و التربة ، و تسمح مراقبة التلوث بالتحقق من نوعية المياه.
أما الموارد غير المتجددة فهي تلك التي لا يمكن أن تعوض أو لا يمكن أن تعوض إلا بعد مضي مدة زمنية طويلة جدا. إنها الوقود الأحفوري (فحم ، بترول، عاز طبيعي ) و كذلك خامات معدنية كانت أو  لا.

2- التطور التاريخي :
إذا كانت العديد من الدول قد اعترفت منذ وقت طويل بضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعية ، فإن مبادئ استخدام  محترم و عقلاني للطبيعة  لم تؤخذ بعين الاعتبار ،ما أدى في كثير من الأحيان إلى كوارث حقيقية . ففي آسيا ، في شمال الصين وفي منطقة دجلة و الفرات ، الكثير من الحوادث مثل توحل السدود (امتلاؤها بالطين ) أو  غمر السهول تسبب فيها تخريب الغابات و البراري التي كانت تحمي الأحواض الهيدروغرافية .
في إفريقيا الشمالية و الشرق الأدنى خربت مساحات و واسعة بفعل قرون من الرعي المفرط غير المراقب، و بزراعات غير ملائمة و بالقطع المفرط لنباتات لاستعمالها كحطب للتدفئة. و لوحظت، كذلك، أضرار أخرى بليغة في اغلب مناطق العالم حديثة العهد بالتنمية، في بعض الأحيان بفعل إدخال أنواع غير فعالة في محيط جديد(بيئة جديدة). 
الزراعة الكثيفة، الصرف، الصيد، انتشار العمران، و الهياكل القاعدية للمواصلات قدت إلى تفتيت المساكن الطبيعية، أن لم يكن إلى تدميرها. غير أن جهودا للتعاون الدولي شرع فيها بغرض الحفاظ على حالة تسمح بالحفاظ على المساكن(المواطن) و الأنواع المهددة و التسيير الأفضل للنشاطات.

3- الحفاظ على الغابة :
الأشجار حلقات أساسية في سلسلة الحياة .إنها تلعب دورا  حيويا في تنظيم المناخ و في دورات المياه . إن الغابات من بين المنظمات الايكولوجية الأكثر غنى و الأكثر استقرارا في  كوكب الأرض . فحسب العلماء ، تضم غابات العالم 50 %  من التنوع الإحيائي الأرضي . و لكن تدهور الغابات مستمر بوتيرة مقلقة . و بالفعل ، تسيير الغابات تقلص ، لحاجات الإنسان ، عدد أنواع الأشجار و تجعل الأوساط الطبيعية متجانسة الشيء الذي يؤدي إلى تقليص تنوع الحيوانات و تنوع النبات.
تستند حماية الغابة على ثلاثة مبادئ أساسية .
الأول يتمثل في الحماية من النيران، من الحشرات، و من أمراض المستوطنات الفتية. غير أن النيران التي تعتبر في الماضي مدمر للغابة عرف الآن بأنها أداة تسيير بشرط استعمالها بحذر : إنها ضرورية لانبعاث بعض الأشجار التي تمنح خشب البناء.
المبدأ الثاني يتعلق بطرق الاستغلال التي تتراوح من قطع كل الأشجار إلى القطع الجزئي للأشجار الكبيرة بما فيه الكفاية. مهما كان نوع القطع، يجب أن يتم اختيار ترددها بغرض إنتاج مدعوم لمدة غير محدودة.. (voir sylviculture)..
المبدأ الثالث يتمثل في الاستعمال الكلي لكل الأشجار المقطوعة . ان التطور التقني مثل صناعة ألواح الفتات أو الجزيئات و الألواح المضغوطة تسمح باستعمال الأغصان ، و الكريات المتضررة ، الأشجار الصغيرة التي لا يمكن تحويلها إلى ألواح و الحطب المسمى بالحطب ذو النوعية السيئة.
إن للغابات فوائد ايكولوجية لا يمكن إنكارها ، و لكن بسبب الاستغلال الغابي و الطلب المتزايد في المناطق الطبيعية فان الثراء البيولوجي تعرض للتقلص و الانحسار. لذلك يجب السماح للغابات بالنمو و التقدم نحو حالة طبيعية بمراقبة أو منع النشاطات البشرية في هذه المساحات المحمية.

حماية المراعي :
يمكن ممارسة الرعي بحرية بطريقة مستمرة أو متقطعة الشيء الذي يؤدي إلى تبذير كمية كبيرة من العشب. و لذلك اخترعت تقنيات الرعي العقلاني : فالمراعي بعثرت . فعندما تنتهي الحيوانات التهام عشب جزء من الأجزاء ، يجري نقلهم إلى جزء آخر. تضاف طريقة تقسيم المراعي هذه و تدوير الحيوانات، إلى السقي و تخصيب عقلاني تعطي مراعي ممتازة. زيادة على ذلك، يجري العي في كل مرعى بعدد محدد من الحيوانات حتى تتمكن هذه من الرعي بطريقة كافية بفضل العشب الذي تتمتع به. كما أنها لا تستطيع الرعي إلا في فترة محددة حسب نوع المرعى. يقوم الحفاظ على المراعي على برنامج رعي بهدف إلى الإبقاء على المراعي المنتجة بطريقة غير منتهية و على إعادة تقييم و تثمين المساحات المنهكة بفضل إعادة الإنتاج الطبيعي أو إلى الزرع الاصطناعي لأنواع من العشب المناسب. و بالرغم من هذه المباديء المختلفة تأكدت كما ينبغي ،توجد مئات الآلاف  من الهكتارات من المراعي تعاني من الاستغلال المفرط ، ما أدي إلى تدهور و تدمير الإنتاجية البيولوجية للمساحات الجرداء و شبه الجرداء.

حماية الحيوانات :
مبدأ أساسي لحماية الحيوانات يتمثل في منحها طعاما طبيعيا كافيا و ملا جيء مناسبة بغرض الحفاظ سكان من كل نوع في موطن معين.
إن تدمير الموطن الذي تسبب فيه الري، الزراعة، و التوسع العمراني يمثل تهديدا كبيرا للحيوانات. و نفس الشيء بالنسبة إلى تقطيع المساحات التي تصبح بعد ذلك أصغر من أن تسمح ببقاء بعض المستوطنات.بعد تدمير موطنها، يمثل استعمال أو إزالة الأنواع التهديد الثاني للحيوانات المتوحشة. سواء بسبب خولها في منافسة مع النشاطات البشرية مثل الدب أو الذئب أو على العكس لان فائدتها الاقتصادية (ريش ، قرون،عاج ، جلود و أعضاء) تؤدي إلى الإفراط في استغلالها .مثل وحيد القرن أو النمر ،الكثير من الأنواع مهددة بالانقراض . حماية موطنها غير كافية لضمان بقائها، لأنها معرضة لأخطار مباشرة.      
إن الحيوانات مورد بيولوجي و اقتصادي يمكن الحفاظ عليه بتسيير حكيم . بفضل وضع قواعد ،بمكن اصطياد الكثير من الأنواع دون أن يؤثر ذلك في مستويات السكان. مع الحفاظ على الأنواع المهددة، يمكن أن يكون للصيد، عند الضرورة، دور منظم للأنواع.

حماية التربة :
من الأساليب التقليدية الحالية المطبقة في حماية التربة تتمثل في تقسيم الأراضي إلى مناطق مختلفة حسب استخدامها. التربة الأكثر استقرارا تخصص لزراعات سنوية ن و على الترب الأخرى تزرع  نباتات مقاومة مثل العشب و البقوليات ، أو تترك للرعي و للغابات .
توجد طريقة أخرى للحماية تتمثل في تداول أنواع مختلفة من النباتات أثناء تدوير الزراعات (أراضي قابلة للزراعة).
هذا النوع من الزراعة يمسك التربة و يحميها أثناء نمو النبات، و يمنح التربة مواد عضوية مفيدة جدا أثناء الحرث. زيادة على ذلك، أساليب الزراعة التي تترك بقايا على سطح التربة تمثل تقدما حاسما في استغلال الأراضي. في العديد من المناطق، عوضت هذه التقنيات استخدام المحراث المسمى المحراث بالمحراث ذي المقلب، مضافة إلى الطريقة المسماة بطريقة الزراعة النظيفة التي كانت تترك مساحة التربة معرضة لكل أشكال التعرية(الانجراف) الطبيعية.
إن انجراف التربة تتوقف على طبيعة بنية التربة، الغطاء النباتي، الانحدار و الظروف الجوية. زيادة على ذلك يمكن تزيد حدتها بسبب بعض الممارسات الزراعية. إن بصمات العناصر الزراعية على التربة التي تسهل تشكل الجداول نهي من الأسباب الزراعية للانجراف.توجد طرق خاصة تسمح بالحد من الانجراف الزراعة بالمستويات التي تتمثل في زراعة  مساحات منحدرة  حسب  خطوط  التسوية  وبناء قنوات ري و مصاطب تسمح  بالتقليص من تكون الجداول . طريقة أخرى في الحفاظ على التربة تتمثل في الزراعة في نطاقات تتمثل في تتابع النطاقات المزروعة و النطاقات المتروكة بورا.
إن هذه الطريقة مفيدة في محاصرة التعرية الهوائية على المساحات شبه الجرداء التي يتوجب تركها بورا بغرض إنتاج فعال. زيادة على ذلك، أن الحفاظ على خصوبة التربة في مستوى أقصى. فضلا عن ذلك، إن الحفاظ على خصوبة التربة في مستوى أقصى للإنتاج يستلزم استعمال أسمدة كيماوية غير عضوية.

حماية الأحواض الهيدروغرافية :
إن غطاء نباتيا شديد الكثافة ليس الشرط الأمثل للاستغلال الجيد لحوض هيدروغرافي . في بعض الغابات الجبلية ن جرى الحصول على مياه غزيرة و ذات نوعية عالية بفرس (أي بالتقليل من كثافة الأشجار) دون زيادة انجراف التربة أو مخاطر الفيضان.
مظهر مهم جدا لحماية الأحواض الهيدروغرافية هو حماية المناطق الرطبة (بحيرات، مستنقعات ، حقول الخث ، الودية الفيضية ، الخ...) التي تلعب دورا رئيسيا في دورة الماء. إنها تحتجز فائض المياه، ثم توزعه على الجيوب المائية و إلى المجاري المائية . مع تمتعها بقدرة على  تصفية تلك المياه . يضاف إلى ذلك إيواؤها لكمية كبيرة و متنوعة من النباتات والحيوانات نو على الخصوص من الطيور .
لقد أدركت الحكومات الفائدة من حماية المناطق الرطبة حيث تم التوقيع على  اتفاقية حول المناطق الرطبة يوم 2 فيفري 1971 في "رامسار"  بإيران . تشكل هذه الاتفاقية أول اتفاقية بين الحكومات مخصصة للحفاظ على الطبيعة. غير أن الاستخدام العقلاني للمناطق الرطبة ما يزال غير مضمون. و بالفعل ، خلال ال 30 – 35 سنة الأخيرة ، في فرنسا ، اختفى نصف المناطق الرطبة بالتجفيف ، الصرف أو بالتحويل إلى الاستغلال الزراعي ن معرضة بذلك التوازن الهيدرولوجي والبيولوجي للبلاد.

شبكة " ناتورا 2000 " :
شبكة ناتورا 2000 هي شبكة ايكولوجية أوروبية للمواقع المحمية  موجهة لهيكلة المجال الأوروبي بصفة  مستمرة . هدفها الرئيسي هو تسهيل الحفاظ على التنوع الإحيائي على التراب الأوروبي مع الأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الاقتصادية ، الاجتماعية ، الثقافية و الجهوية.ستسمح هذه الشبكة، بفضل قروض، بمواصلة سياسة حماية الأوساط الطبيعية الأكثر حساسية : حظائر وطنية، و محميات طبيعية ، حماية السواحل ،الخ... والتي تهدف إلى ضمان حماية المجالات الطبيعية ذات القيمة العالية و الحفاظ عليها و تسييرها.
المصدر :
"protection de la nature." Microsoft® Encarta® 2009 [DVD]. Microsoft Corporation, 2008
ترجمة :  كاتب مدونة تاج