الخميس، 26 مارس 2015

مؤتمر فيينا عام 1815م

أ- تقديم :
أوروبا في عام 1815
الخريطة من موسوعة Encyclopaedia Britannica
مؤتمر فيينا هو ملتقى دولي عقد  بين أول سبتمبر 1814 و جوان 1815 عند  نهاية الحروب النابليونية ، أدى  إعادة رسم  خريطة أوروبا.

ب: لماذا إعادة النظر في خريطة أوروبا 
في سنة 1814 بعد تنازل نابليون الأول (بونابرت) عن العرش ،قررت القوى الأوروبية ، بتأثير من المستشار النمساوي كليمنس فون مترنيخ أن يجعلوا من فرنسا دولة غير قادرة على الطموح للهيمنة على أوروبا. فالأمر إذا كان يتعلق بإعادة ضبط التوازنات الإقليمية (الترابية) في القارة العجوز التي خلخلتها العواصف الثورية و النابليونية. 
اجتمع مبعوثو كل الدول الأوروبية (باستثناء الإمبراطورية العثمانية) في مؤثر في مدينة فيينا من سبتمبر 1814 إلى جوان 1815 – مع انقطاع في فيفري 1815- بسبب فرار  نابليون من جزيرة إلبا . جاء كل طرف إلى المؤتمر للدفاع عن وجهة نظره، صالحه الترابية، مصالحه الوطنية، و محاولة تحقيق روح توسعية مشتركة. 
ج - تقسيم جديد للقارة:
1-  قرارات تخص الحدود الفرنسية 
- تقليص الحدود :
انتزعت من فرنسا كل المناطق و الأقاليم التي احتلها نابليون الأول وأعيدت إلى الحدود التي ضبطتها اتفاقية باريس في 20 نوفمبر 1815 . كما احتلت أراضيها عسكريا (إلى غاية عام 1818) و ألزمت بدفع تعويضات عسكرية باهظة.
- تكوين منطقة حماية حدودية :
زيادة على  ذلك ، أدت إعادة رسم خريطة أوروبا إلى ظهور منطقة "عازلة " حول فرنسا تمتد من بلجيكا إلى إيطاليا البيدمونتية . كان على هذه المنطقة ،نظريا، أن تحمي القوى الكبرى من كل محاولة للتوغل . وهكذا  ، من الشمال إلى الجنوب و على طول هذا الخط kنجد المقاطعات المتحدة القديمة (بما فيها بلجيكا) ألحقت بالأراضي المنخفضة (هولندا) النمساوية لتشكيل المملكة الوحيدة للأراضي المنخفضة  (مستقلة و تحت حكم أسرة أورانج) ، وجمعت الكونفدراليا الهلفيتية  كانتوناتها  و أصبحت مستقلة و محايدة . أما  بيدمونت التي أعيدت لملك سردينيا  (مع سافوا و نيس و جنوة ) فشكلت اللمسة الجنوبية للطوق المضاد لفرنسا تحت اسم مملكة بيدمونت و سردينيا.
2- قرارات  تخص " القوى الأربع"  :
- الإمبراطورية البريطانية :
احتفظت بريطانيا العظمى بحدودها و لكنها حصلت على عدة جزر و ممتلكات فيما وراء البحار (مقاطعة الكاب بجنوب إفريقيا) ،سيلان(سريلانكا حليا) ،جزيرة موريس ، هلغولاند و مالطا، غويانا و جزر الأنتيل إلخ... ما  زاد من قوة إمبراطوريتها الاستعمارية على حساب فرنسا  و هولندا.
- التوسع  الروسي نحو الغرب :
حصلت روسيا على ثلثي ما كان يعرف سابقا باسم دوقية فارصوفيا الكبرى و نظمتها في مملكة بولونية واحدة يحكمها مباشرة القيصر الكسندر الأول . و حصلت زيادة على ذلك على بيسارابيا و فنلندا ما يمنحها منفذا إلى بحر البلطيق و تعويضا لها عن فنلندا  ابتلعت السويد  من جانبها النرويج و وحدت المملكتان تحت حكم الملك شارل 14 السويدي.
-  توسيع الأراضي البروسية :
حصلت بروسيا على بوسنانيا  والنصف الشمالي من مقاطعة  ساكس نو على جزء كبير من ولايات رينانيا و  وستفاليا، وأخيرا على جزء من بوميرانيا . وإذا كانت دوقية هانوفر وسعت ورفعت إلى مرتبة مملكة وأن مقاطعة شلزويغ ضمت إلى الدانمرك فإن بروسيا قوت تأثيرها على الدويلات  الألمانية.
- الكتلة النمساوية :
حسب رغبات مترنيخ ،استعادت النمسا أغلب أراضيها المفقودة و، تعويضا لها عن استقلال هولندا، حصلت على بض الجيوب الألمانية و الأراضي الايطالية (لمبارديا و البندقية) ، و كذلك إقليم دلماسيا الذي كان إلى ذلك الحين ملكا للبندقية . وهكذا  ضمنت النمسا لنفسها وضعية مهيمنة في إيطاليا بفضل مكتسباتها ،تحالفاتها، و محمياتها ،و أكثر من ذلك شكلت كتلة متجانسة على جانبي جبال الألب التي ،إذا أضيفت إلى رئاستها للكونفيدراليا الجرمانية ،ستسمح لها بالسيطرة على أوروبا الوسطى و الجنوبية.
- تكوين  كونفدراليا جرمانية :
 تدخل المزايا التي منحت للمنطقة الألمانية في نطاق الإجراءات الرامية إلى تفكيك الإمبراطورية النابليونية :تحت رئاسة         إمبراطور النمسا ،تأسست كونفدراليا دول هي الكونفدراليا الجرمانية،تضم 34 دولة مستقلة وأربع مدن حرة . كانت هذه أول خطوة نحو مبدأ الوحدة الألمانية.
د - نتائج و أخطاء مؤتمر فيينا :
إذا كان مؤتمر فيينا قد أدان تجارة الرقيق الأسود و ضمن حرية الملاحة في الأنهار العابرة  عدة دول أو تشكل حدا سياسيا ، فإن همه الأكبر كان إعادة بناء توازن واسع بين الدول و الإمبراطوريات الأوروبية . ولكن هذا التقسيم ، الذي ضمن السلم للقارة العجوز الرازحة تحت الحكم  المطلق على امتداد  أربعين سنة، غذى بداخله بذور فنائه .  فكل المفاوضات و المحادثات جرت على حساب حقوق القوميات أو المذاهب الدينية. إذ ضمت شلزويغ بالقوة للدانمرك ، وأخضع الكاثوليك البلجيكيون لملك هولندي بروتستانتي المذهب و قسمت  تقسيم إيطاليا و فككت  ألمانيا.
ابتداء من 1823-1824 بينت المصالح المتباينة و المتضاربة للقوى الكبرى الطابع الهش أو الاصطناعي للتقسيم المنجز عام 1815 والذي لم يكف الثوار والقوميون في كل أوروبا و كذلك نابليون الثالث عن النضال ضده إلى درجة  التمكين لانفجار جديد لأوروبا وإعادة  توزيع القوميات في نهاية القرن التاسع عشر ، أثناء المؤتمر الكبير الذي انعقد في برلين عام 1878.

المصدر : Encyclopédie Encarta
ترجمة : كاتب مدونة تاج.

هناك تعليق واحد :