ضريح الملوك النوميديين :إمدغاسن (مدغاسن) في بلدية بومية ، ولاية باتنة. يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث قبل الميلاد. المصدر: https://fr.wikipedia.org/wiki/Medracen. |
-
انتظام أغلب السكان في مجموعات قروية أو قبلية معتمدة على نفسها بصورة
كلية أو شبه كلية.
-
وجود أقلية تتمتع بفوائد هامة دون أن يكون لها الحق في الملكية الخاصة
لوسائل الإنتاج. وهاتان سمتان أساسيتان لما سماه البعض ب " نمط الإنتاج
الآسيوي".
غير
أن شمال أفريقيا يعطينا نموذجا مخالفا
لهذا النمط من الإنتاج الذي سماه كارل ماركس ب " المجتمعات الهيدروليكية"
: (مصر، الهند، الصين، اسبانيا المسلمة) فهذه المجتمعات تتميز بإنجاز أعمال
استصلاح كبيرة موجهة للزراعة المسقية أو، على العموم، بأشغال
كبرى ذات أغراض متنوعة أنجزت من طرف مجموع السكان تحت إشراف بيروقراطيا.
لقد
أخضعت تلك الجموع لنظام سخرة معمم من قبل الملك الذي كان يجسد المصالح العليا
للجماعة. أنجزت هذه الأعمال في جنوب اسبانيا و في مصر ولكنها لم تنجز على الإطلاق
في شمال إفريقيا بالرغم من وجود سهول كبيرة ( مثل سهول الغرب بالمغرب الأقصى، الشلف و
المتيجة بالجـزائر والمجردة في تونس) كان
من الممكن استصلاحها إلى مناطق زراعة مسقية، غير أن هذا لم يحدث. لماذا ؟.
هل
كانت اليد العاملة قليلة إلى حد لم يسمح بالتفكير في القيام بتلك الأعمال ؟ إن
ازدهار زراعة كثيفة كان سيمكن من رفع عدد السكان.لكن انتشار الحياة
الرعوية و نصف الرعوية شكل عقبة أخرى.
مع
ذلك يبقى السبب الرئيسي هو صلابة البنيات القبلية التي كانت تحد من سلطات الملوك و
تحـــول دون تعبـئتهم للسكان وتسخيرهم. و يجب أن نلاحظ أن أغلب المجتمعات
الهيدروليكية تشكلت في فترات بعيدة من التاريخ القديم، في ظروف إيديولوجية واجتماعية، جعلت السكان يقبلون سلطة ملك إله تساعده بيروقراطيا من الرهبان
-المهندسين. ألم تتوفر هذه الشروط في شمال إفريقيا ؟.
يحتمل
أن تكون شروط التعبئة قد توفرت في عهد الممالك البربرية(الأمازيغية) قبل الاحتلال الروماني
لإنجاز أشغال كبرى، فالمعالم الميغاليتية العديدة الموجودة في شمال إفريقيا وعلى
الخصوص معلم " مدغاسن " الشهير في الجزائر (ولاية باتنة) ، لم يكن
إنجازه ممكنا إلا من قبل قادة يتمتعون بأعداد كبيرة من السكان.
قد
يكون الاحتلال الروماني بقضائه على قوة الملوك البربر وإدخاله نمط الإنتاج الاستعبادي
(إلى شمال أفريقيا) قد تسبب في اندثار هذه الأشكال من التعبئة الجماعية التي كانت
في بداياتها.
عن إيف لاكوست.
ترجمة كاتب مدونة تاج
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق